رد الفعل الاسرائيلي وخصوصاً التحفظ الاميركي على القرار الذي اتخذه مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي بالاجماع في نيويورك والداعي الى انضمام اسرائيل الى المعاهدة وان تضع كل منشآتها النووية تحت الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية, يشير الى أمرين احدهما ان اسرائيل تواصل سياسة العربدة والاختباء خلف مبدأ الغموض النووي الذي تواطأت به مع الادارة الاميركية في ستينات القرن الماضي والثاني ان التحفظ الاميركي لا يعطي انطباعا ايجابياً وصادقا حول تطلع الرئيس اوباما الى عالم خال من الاسلحة النووية.
رفض اسرائيل الدعوات الى قيام منطقة منزوعة السلاح النووي تشملها وايران ايضا يعني ان سباق التسلح النووي سيأخذ طريقه الى المشهد الاقليمي وهو يُسقط في الان ذاته كل الذرائع والمبررات التي تسوقها تل ابيب وواشنطن حول الملف النووي الايراني, الذي يثير هو الاخر قلقاً واسعاً اقليمياً ودولياً, لكن نظرة اخلاقية وواقعية للمسألة تفرض القول ان الذي يتربع على ترسانة تزيد على مائتي رأس نووي هو الذي يجب ان تفعّل ضده العقوبات تماما كما الذي يرفض الامتثال لما تفرضه معاهدة الحد من الانتشار النووي التي وقعت عليها طهران وترفض اسرائيل التوقيع عليها.
اسرائيل باتت الان أمام ساعة الحقيقة وبعد خمسة عقود من الاحتيال والصراخ الاعلامي والظهور بمظهر الضحية, تبدو الان مكشوفة ولن تنفع معها المظلة السياسية والدبلوماسية التي توفرها واشنطن في الحؤول دون استمرارها في لعبة شراء الوقت وابعاد الانظار عن برنامجها النووي الذي يشكل الان مرحلة اختبار حقيقية وحاسمة للمواقف المتشددة التي تبديها عواصم القرار الدولي تجاه الدول ذات البرامج النووية السرية والتي توصف بانها ذات طابع عسكري, وكم حريّ بهؤلاء ان يرفعوا الغطاء عن برنامج اسرائيل العسكري الصرف, الذي يعترف حتى اقرب اصدقاء اسرائيل اليها بأن ترسانتها النووية تفوق ما لدى بريطانيا وتتقدم ايضا على فرنسا وهي تحتل المرتبة الثالثة في عدد الرؤوس النووية بعد الولايات المتحدة وروسيا.
آن لمنطقة الشرق الاوسط ان تتحول الى منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية وآن لواشنطن ان تستخدم نفوذها وتأثيرها ومكانتها لاجبار اسرائيل على الانضمام لمعاهدة منع انتشار الاسلحة النووية حتى ينسجم خطابها المعلن مع مواقفها العملية, وسيكون العام 2012 بما هو الموعد المقبل لالتئام مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي فرصة لاختبار مدى جدية الادارة الاميركية وعدم استمرارها في انتهاج سياسة المعايير المزدوجة والانتقائية دائماً.