مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك تأخذ الحياة في دمشق وخصوصا في الأسواق شكلا مختلفا فالاستعدادات تبدو على قدم وساق والكل يغير عاداته لاستقبال هذا الشهر حيث بدأت المحال بتحضير المواد والمشروبات والأطباق التي تستهلك عادة والمتسوقون يبدؤون موسم تحضير المستلزمات خاصة من الأغذية والمشروبات التقليدية.
فمنذ منتصف شهر شعبان اعتادت الأسر الدمشقية البدء بتحضير ما تحتاجه لرمضان خصوصا للأيام العشرة الأولى والزائر للأسوق هذه الأيام لايمكنه لمس مايتم الحديث عنه في الإعلام الاقتصادي عن وجود أزمة مالية فالمتسوقون في المتاجر والأسواق المعروفة يحملون مالذ وطاب لتزيين سفرة رمضان غير عابئين بالتكلفة.
ويقول أحمد بازرباجي صاحب أحد المحال في سوق الميدان الشهيرة بدأنا الاستعداد منذ بداية الشهر الماضي حيث تزودنا بكل الأصناف التي يحتاجها المستهلك لافتا إلى أن المبيعات ازدادت بنسبة 30 بالمئة عن الأيام العادية.
وما يميز هذه السوق محال الحلويات العربية التي لها نصيب وافر في رمضان لذا يحرص أصحابها على تحضير الانواع المطلوبة والمستهلكة بكثرة خلال شهر الصيام ويقول سميح بائع في أحد هذه المحال ماقبل رمضان يكون العمل منصبا على الأطباق الرمضانية التي تستهلك بكثرة في هذا الشهر وهي كل الأطباق التي تدخل فيها القشطة مثل القطايف العصافيري والمدلوقة والكنافة والنهش مؤكدا أن رمضان وعيد الفطر هما الموسم الرئيس في السنة حيث تتجاوز عوائد هذا الموسم ما يبعيونه خلال السنة بنسبة 200 بالمئة على أقل تقدير.
ويشير سمير الجاجة من جمعية حماية المستهلك التي بدأت جولاتها في الأسواق منذ فترة أن الأسعار منضبطة خصوصا مع تزامن الشهر المبارك مع موسم الصيف الذي يتميز بكثرة الخيرات وأنه لا وجود لارتفاع في الأسعار باستثناء اللحوم والرز لافتا إلى أنه لاحاجة للتسوق قبل رمضان بكميات كبيرة لأن المواد متوافرة بكثرة داعيا المستهلكين الى التواصل مع الجمعية في حال وجود أي ارتفاع او حالات غش في الاسواق.
وتستعد العائلات عادة لهذا الشهر بموازنة تزيد عن الأشهر العادية حيث تزداد سلة المواد الاستهلاكية وتتنوع ويؤكد محمد الهاجري أن عائلته بدأت الاستعداد لرمضان ببعض المواد الأساسية مثل اللحومات والرز والمكسرات التي تتزين بها أطباق رمضان ومنقوع قمر الدين والتمر هندي لافتا إلى أن موازنة رمضان تزيد ثلاثة أضعاف عن الايام العادية نتيجة حاجة سفرة هذا الشهر للتنوع خصوصا بعد الامتناع عن الاكل طيلة النهار لكنه اكد على ضرورة ضبط الاسعار بما يتوافق مع القدرة الشرائية للمستهلك.
بدوره أكد ابو عبد الله عامل في سوبر ماركات ان الضغوطات الاقتصادية لم تؤثر على عادات رمضان مشيرا الى أن الناس يشترون الكميات نفسها التي كانوا يشترونها العام الماضي مضيفا أن رمضان شهر مميز وان مجرد فكرة التوفير في هذا الشهر هي امر غير وارد.
ويقول: كل عام هناك سلع علي ان ابتاعها ربما اقتصد بعد رمضان لأعوض العجز في ميزانيتي لكنني لن اغير عاداتي فيما اشار حامد السهلي الذي يعمل في احدى الشركات الخاصة الى انه اعتاد التزود بالمواد الاساسية بكميات كبيرة خلال التحضير للشهر الفضيل كعادة عائلته مشيرا الى انه بدأ منذ عدة اشهر بتوفير مبلغ معين تحضيرا لشهر رمضان والعيد الذي يتزامن مع قدوم المدارس حيث تزداد مصاريف اسرته الموءلفة من خمسة افراد عدة اضعاف.
ويخلق شهر رمضان وظائف جديدة بينها المسحراتي التي لم تستطع كل وسائل الحداثة ان تقضي على هذا العرف الرمضاني الذي تتولاه حاليا مجموعة من الشباب الذين يتجولون في الحارات والازقة الشعبية والحديثة كذلك انتشار عربات بائعي العرقسوس والتمر هندي و الناعم والمعروك التي تحقق أرباحا تصل إلى 200 ألف ليرة سورية خلال هذا الشهر كما يقول ابو احمد بائع ارغفة الناعم فيما يشير ابو صالح أنه يعجن يوميا خلال شهر رمضان طنا واحدا من عجينة العوامة وانه يستمر بالعمل من الصباح حتى السحور.
كذلك تكون الاسواق الشعبية على موعد مع دكان الحمصاني الذي ينهمك بتحضير الفول والمسبحة والتسقية كأطباق اساسية في سفرة رمضان.
وتنتعش في الشهر الكريم بعض المهن التي تغيب في باقي الايام مثل الحكواتي الذي يوجد في المقاهي الشعبية وتنتشر الخيم الرمضانية التي اصبحت تقليدا اعتادت عليه الاسر الدمشقية في السنوات الاخيرة.
ويستبق الدمشقيون الشهر الفضيل بالخروج الى المنتزهات والمصايف للترويح عن انفسهم ما يعرف ب تكريزة رمضان حيث يقصدون مصايف الغوطة والربوة ودمر والهامة و عين الفيجة وأشرفية الوادي وينابيع بقين والزبداني وغيرها.